إعلان نصى هنا   Online Quran Classes   إعلان نصى هنا  
           
2014-12-29 05:51
أرشيف الرئاسة التونسية يثير جدلًا سياسيا وقانونيا


توجهت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين إلى القصر الرئاسي، مطالبة باستلام أرشيف الرئاسة، قبل أيام من تسلُّم الباجي قائد السبسي منصب رئاسة الجمهورية، ولكنها جوبهت بالرفض من قِبل نقابة الأمن الرئاسي التي منعتها من الدخول إلى القصر، مشيرة إلى أنها تلقَّت تعليمات من السلطة السياسية القديمة والجديدة بذلك، في حين أعلن ديوان الرئيس المنتهية ولايته منصف المرزوقي أن هذا الموقف للأمن الرئاسي لا يلزمه، من دون إعطاء توضيح إضافي.
وأعلن عضو هيئة الحقيقة والكرامة خالد الكريشي، أن الهيئة ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة إزاء هؤلاء العناصر طبقًا للفصل 66 من قانون العدالة الانتقالية، بسبب ما أبدوه من "استهتار بقوانين الدولة ومؤسساتها في الوقت الذي تستعد فيه البلاد لإرساء الجمهورية الثانية"، على حد قوله.
ويتمحور الجدل هذه الأيام حول ثلاث مسائل، أولها حول طرق النفاذ إلى الأرشيف، وثانيها التوقيت الذي اختارته الهيئة، وأخيرًا اختيار الهيئة لأرشيف رئاسة الجمهورية قبل أي مؤسسة عامة أخرى.
وفي هذا السياق، يؤكد نائب رئيس الهيئة زهير مخلوف أن "الهيئة لا تريد استهداف أرشيف رئاسة الجمهورية في حد ذاته، كما أنه ليس لها أي تخوُّفات من الإدارة الجديدة التي ستتسلم رئاسة الجمهورية"، موضحًا أن "تسلُّم أرشيف رئاسة الجمهورية يأتي في إطار أحد المهمات الأساسية للهيئة وهو حفظ الذاكرة".
وعدم تسلُّم الهيئة للأرشيف "يعود إلى غياب التنسيق بين ديوان المرزوقي وديوان السبسي"، بحسب مخلوف، الذي يؤكد أن "الهيئة لا تتحمل هذه المسؤولية، باعتبارها احترمت المواعيد والإجراءات وتعاملت مع مؤسسة رئاسة الجمهورية في إطار مبدأ تواصل الدولة، في ظل التداول السلمي على الحكم ومن دون النظر إلى الجهة السياسية التي تمثلها".
يُشار إلى أن خلافًا كبيرًا أثير منذ أشهر بين بن سدرين والسبسي، وصل إلى حدِّ التلاسن عن بُعد حول تركيبة الهيئة ورئيستها ومهامها، قال البعض: إنه سبب توجُّه بن سدرين سريعًا إلى القصر الرئاسي قبل أن يدخله الرئيس الجديد، في حين قالت أطراف أخرى: إن بن سدرين تريد إخفاء ملفات بعض المعارضين الحاليين الذين سبق لهم التعامل مع الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي.
ورجَّح بعض القانونيين أحقية هيئة الحقيقة والكرامة في النفاذ له حسب القانون الأساسي المتعلّق بالعدالة الانتقالية والمنظم لها، إلا أن شقًّا آخر لم يجادل حول هذه الأحقية، بل تساءل عن طرق النفاذ إلى الأرشيف.
ويؤكد أستاذ القانون العام والخبير في العدالة الانتقالية وحيد الفرشيشي "حق الهيئة النفاذ لكلّ الأرشيف العام والخاص، وبالتالي لا يمكن أن تُجابه الهيئة بالمنع أو الرفض"، لكنه يشير إلى أن السؤال المطروح هو "هل توجد نصوص أو فصول قانونية تحدد طرق النفاذ لمجمل الأرشيفات؟".
ويوضح أن "القانون الأساسي عدد 53 لعام 2013 المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، لم ينصّ عن كيفية النفاذ إلى الأرشيف ولا عن طرقه أو آلياته، وبالتالي نجد أنفسنا أمام فراغ قانوني لأن الجانب الإجرائي حول هذه المسألة غائب تمامًا، وهي إشكالية يجب تداركها".
كما يلفت الفرشيشي إلى أن هيئة الحقيقة والكرامة "لم تستحدث حتى الآن اللجان التي نصّت عليها في نظامها الداخلي منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهي لجان البحث والتقصي، ولجنة حفظ الذاكرة الوطنية، ولجنة الفحص الوظيفي ولجنة التحكيم والمصالحة"، مشيرًا إلى أن "هذه "اللجان هي التي ستتعامل مع مختلف الوثائق والأرشيفات، وبالتالي كيف ستوزّع الهيئة الأرشيف على لجان لم تُستحدث بعد؟ وكيف سيكون التصرف فيها باعتبار أن هذه العملية تستوجب اتباع منهج دقيق من الناحية العلمية والمنهجية فليس كل وثيقة تُصنّف على أنها أرشيف".
وبحسب الفرشيشي، فمن المهم "التأكيد على أنه عندما يمنح القانون لأي مؤسسة عامة حقًّا أو صلاحية ما، فيجب أن نتصرف في هذه الصلاحيات بالاستناد إلى مبادئ جوهرية من القانون العام، أولها حسن النية، وثانيها عدم التعسف في استعمال الصلاحية أو الحقّ، وإذا ترجمنا ذلك على أرض الواقع نجد أن هيئة الحقيقة والكرامة لم تحتكم إلى هذين المبدأين".
ويبدو أن على القضاء الفصل في هذه الخلافات بشكل نهائي حتى تتوضّح الصورة للجميع وينتهي الجدل حول هذه الهيئة وطرق وصولها إلى الأرشيف الوطني الموجود في الرئاسة أو الداخلية أو غيرها من المؤسسات العامة، خصوصًا بعد بداية عمل الهيئة في مسار يثير جدلًا كبيرًا قانونيًّا وإجرائيًّا وتاريخيًّا أيضًا.


 



خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google




قريبا

         
                     
    اعلان نصى هنا Online Quran Classes   اعلان نصى هنا