|
حملت الأمم المتحدة بوضوح النظام السوري مسؤولية الهجوم بغاز السارين الذي تسبب بمقتل وإصابة المئات في بلدة خان شيخون في أبريل الماضي في حين سارعت روسيا وسوريا إلى رفض ذلك.
وبعد ساعات من نشر التقرير الصادر عن لجنة تحقيق خاصة بهجوم خان شيخون تضم خبراء في الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، سارعت موسكو الجمعة إلى التنديد بـ "عناصر متضاربة" كثيرة في التقرير
كما وصفت دمشق التقرير بأنه "تزوير للحقيقة وتحريف".
وطغى التقرير الدولي والتصريحات الأمريكية على الإعلان الذي صدر الخميس عن جولة جديدة من المحادثات بين ممثلين للحكومة والمعارضة السورية في جنيف بهدف تسوية النزاع المستمر منذ 6 سنوات.
وخلُص الخبراء إلى أنّ النظام السوري مسؤول فعلاً عن الهجوم الذي وقع في 4 أبريل في خان شيخون في محافظة إدلب التي تسيطر عليها فصائل مقاتلة معارضة ومتشددة، وتسبب بمقتل وإصابة العشرات، بحسب الأمم المتحدة.
وقال التقرير إن العناصر التي جُمعت تذهب باتجاه "السيناريو الأرجح" الذي يشير إلى أن "غاز السارين نجم عن قنبلة ألقتها طائرة".
وأكد أن "اللجنة واثقة بأن سوريا مسؤولة عن إطلاق غاز السارين على خان شيخون في 4 أبريل 2017".
لكن مساعد وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قال الجمعة لوكالة أنباء "إنترفاكس" الروسية إن التقرير يثبت وجود "العديد من التناقضات وعناصر متضاربة واضحة واستخدام شهادات مشكوك بصحتها وأدلة غير مؤكدة".
وأضاف "خلافاً لمحاورينا الذين يستخدمون هذا التقرير كسلاح لتحقيق أهدافهم الجيوسياسية الخاصة في سوريا، قمنا بدرس مضمون الوثيقة بهدوء ومهنية".
وأوضح أن روسيا، حليفة النظام السوري، ستقوم "بتحليل" كامل في وقت لاحق.
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية السورية أنها "تستنكر بشدة (...) هذا التقرير والتقرير الذي سبقه لأنهما يمثلان تزويراً للحقيقة وتحريفاً لكل المعلومات الدقيقة حول ما جرى في خان شيخون".
وأضافت أن دمشق "تدين اعتماد آلية التحقيق المشتركة على أقوال المجرمين الذين ارتكبوا هذا العمل اللاأخلاقي في خان شيخون وشهود مشبوهين إضافة لما سموه المصادر المفتوحة".
واعتبرت أن التقرير صدر "تنفيذاً لتعليمات الإدارة الأمريكية والدول الغربية لممارسة مزيد من الضغوط السياسية والتهديدات العدوانية لسيادة سوريا".
ونفذت الولايات المتحدة بعد هجوم خان شيخون ضربة عسكرية كانت الأولى ضد النظام منذ بدء النزاع، فأطلقت 59 صاروخاً عابراً من طراز توماهوك من بارجتين أمريكيتين في البحر المتوسط، في اتجاه قاعدة الشعيرات العسكرية الجوية السورية. وتقول واشنطن إن الهجوم الكيميائي على خان شيخون تم شنه من القاعدة.
وعلقت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي على التقرير، معتبرة أنّ على "مجلس الأمن أن يبعث برسالة واضحة: أيّ استخدام للسلاح الكيميائي لن يكون مقبولاً ويجب توفير دعم كامل للمحققين المستقلين".
وأضافت "أي بلد يرفض القيام بذلك لا يُعتبر أفضل بكثير من الطغاة والإرهابيين الذين يستخدمون هذه الأسلحة الرهيبة".
من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن التقرير "تأكيد للانتهاكات الخطيرة للنظام السوري" الذي التزم في 2013 تفكيك أسلحته الكيميائية.
وأضاف إن "الإفلات من العقاب غير مقبول. فرنسا تواصل العمل مع شركائها في نيويورك ولاهاي من أجل الخروج بخلاصات عملية من التقرير وتحديد الطريقة الأمثل لمعاقبة المسؤولين عن هذه الهجمات ومكافحة انتشار الأسلحة الكيميائية".
اما وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون فاعتبر أن التقرير يُقدّم "خلاصة واضحة"، داعياً "المجتمع الدولي إلى الاتحاد من أجل تحميل نظام بشار الأسد المسؤولية" عن الهجوم.
وقال "أدعو روسيا إلى الكف عن دعم حليفها المقيت وأن تلتزم بتعهدها وهو التأكد من عدم استخدام الأسلحة الكيميائية مجدداً".
وحض مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي على فرض عقوبات على سوريا.
وقال ماثيو رايكروفت للصحافيين إن "الرد الدولي الحازم أساسي الآن لمحاسبة المسؤولين عن هجوم خان شيخون".
وأضاف "يقع الآن على عاتق مجلس الأمن الدولي أن يتحرك بناء على هذه النتائج وأن يفرض العدالة"، موضحاً أن بريطانيا تتشاور مع الولايات المتحدة بشأن مشروع قرار يفرض عقوبات على سوريا.
وأحدثت الصور المروعة لسكان خان شيخون بعد الهجوم، وبينهم كثير من الأطفال، ذهولاً لدى المجتمع الدولي، وشكلت صدمة للعالم. ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حينذاك نظيره السوري بـ"الجزار".
ودعت منظمة مراقبة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" الجمعة إلى فرض عقوبات على الحكومة السورية. وقالت المنظمة، ومقرها نيويورك، في بيان "على مجلس الأمن الدولي أن يتحرك سريعاً لضمان المحاسبة عبر فرض عقوبات على الأشخاص والكيانات المسؤولة عن الهجمات الكيميائية في سوريا".
|
|
|