Tweet

بحثت الحكومة الإسرائيلية المصغرة لشؤون الأمن في التصعيد الحاصل على الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة، وقررت أن يبقى عنف الرد الإسرائيلي مرتبطا بالتطورات الميدانية، واستمرار اتخاذ خطوات دفاعية، لكن مع تعزيز القوات على حدود غزة والتحضير لتوسيع رقعة العمليات في حال دعت الحاجة لذلك.
وغداة قتل تسعة ناشطين من كتائب عز الدين القسّام في غارات ليلية إسرائيلية، استمر سقوط الصواريخ على مستوطنات حدودية إسرائيلية، حيث أصيب جندي إسرائيلي بجروح طفيفة جراء سقوط قذيفة صاروخية في المنطقة المتاخمة لحدود غزة، كما تعرضت مدينة بئر السبع، كبرى مدن جنوب إسرائيل، لإطلاق صاروخ جراد سقط في منطقة مفتوحة غير مأهولة ولم يوقع إصابات أو أضرارا مادية، وهي المرة الثانية منذ عملية "عامود السحاب" الإسرائيلية عام 2012 ضد قطاع غزة.
طبيعة العمل العسكري فجرت خلافا عميقا بين رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية، حيث ألقى ليبرمان قنبلة سياسية، بإعلان فض الشراكة بين حزبه، إسرائيل بيتنا، وحزب الليكود الحاكم، موجها ضربة لنتنياهو، بأن يصبح إسرائيل بيتنا (11 نائبا)، حزبا مستقلا بدون أن ينسحب من الائتلاف ويبقى الليكود بعشرين نائبا فقط، ليبرمان قال: "إن الخلافات مع نتنياهو أصبحت جوهرية"، وفي صلبها اتهام ليبرمان لنتنياهو بالضعف والتلعثم في شن حملة عسكرية كبرى ضد قطاع غزة.
تعدد الجبهات.. معضلة نتنياهو
ومن الواضح أن نتنياهو يخشى من شن حرب على غزة في الوقت الذي تتواصل فيه المواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية في القدس المحتلة وفي قرى ومدن عربية داخل الخط الأخضر، ويعتقد مقربون منه أن جريمة خطف وقتل الفتى محمد أبو خضير بيد متطرفين يهود، شكلت ضربة لحكومة نتنياهو، وضيقت هامش المناورة على الساحة الدولية لتجنيد دعم لأي حملة جديدة على قطاع غزة.
ومن هنا شرع نتنياهو فور إعلان اعتقال "المتطرفين اليهود الستة"، في محاولة احتواء الوضع الميداني في القدس ومناطق أخرى، فبعد أن أدان بشدة الجريمة اتصل بوالد الفتى محمد أبو خضير وأكد له أن الإجراءات القضائية ستنفذ مع القتلة، وأنه أمر منذ اللحظة الأولى بملاحقتم واعتقالهم، وطالب وزير الدفاع الإسرائيلي بتفعيل قانون الإرهاب في محاسبة قتلة أبو خضير.
ويرى مراقبون أن تردد نتنياهو ينبع أيضاً من أنه غير معني بشن حرب على غزة تخطف الأضواء عن المفاوضات الغربية مع إيران، وتحد من قدرة إسرائيل على إحباط اتفاق نهائي "سيئ" من ناحيتها بين الغرب وإيران حول الملف النووي.
اشتعال متعدد للجبهات هو كابوس بالنسبة لإسرائيل، فسر ربما الرد بالقصف المدفعي على قذيفة سورية سقطت في الجولان المحتل في محاولة لاتخاذ خطوة رادعة للجيش النظامي السوري بعد أسبوعين من مقتل فتى بصاروخ سوري في الجولان وقصف إسرائيلي جوي وبري لمواقع سورية.
اعتراف ثلاثة من قتلة أبو خضير
بعد تمديد اعتقال المتطرفين اليهود الستة المتهمين بخطف وقتل محمد أبو خضير حرقا وهو على قيد الحياة، اعترف ثلاثة منهم بتنفيذ الجريمة وأعادوا تمثيلها، فيما تعتقد الشرطة أن الثلاثة الآخرين هم شركاء في الجريمة وعملوا في إطار تأطير منظم، وكانوا حاولوا خطف فتى في التاسعة من العمر، موسى زلوم، من حي بيت حنينا باستخدام السيارة ذاتها التي تم خطف أبو خضير من شعفاط في اليوم الذي تلاه.
واللافت أن الشرطة كانت تملك تفاصيل السيارة من عملية الخطف التي فشلت في بيت حنينا، لكنها لم تحقق في الشكوى المقدمة، وأخفقت في منع تكرار الخطف، ولاتزال الشرطة الإسرائيلية تنتشر بأعداد كبيرة في القدس المحتلة، لاسيما في حي شعفاط، بسبب المواجهات التي تندلع ليلا وإن خفت حدتها وتراجع حجمها، ولاتزال المواجهات تدور في مدن عربية داخل إسرائيل أيضاً كطمرة والناصرة في الجليل وكذلك في تجمعات عربية في النقب جنوباً.