Tweet

كتب سيد بشير، في بقعة صغيرة من أرض صغيرة، وفي وسط الصحراء يجلس قناصًا يرتدي زيه «المموه» يقنص في غدر كل ما يحلو له، يتمدد في أريحيـة ولايسمع صوت ضحكاته سوى الشيطان الذي يجالسه.

هكذا هو الحال لتلك القناة التي تقبع وسط عالمنا العربي، ولا تتردد لحظة في اغتيال كل ماهو قائم ومشيد في الشرق الأوسط، «الجزيرة » القطرية، النائية بنفسها عن كل ما هو إعلامي، ومتمسكة بكل ماهو مؤامراتي خسيس، مثلما يفعل دومًا الأمير القطري، تميم بن حمد، الذي لم يتهاون في إظهار كل الحقد، والغضب، والكره لكل دول الوطن العربي، متنصلًا من عروبته، مرتميًا كعادة عائلته في أحضان العدو أيًا كان، سواء كان أمريكيًا متعجرفًا، أو إسرائيليًا محتلًا، وكذلك إيرانيًا مغتصبًا.

وانكشف أمس الوجه الحقيقي للزيف القطري، وتبددت البسمة المرسومة بالطباشير على وجه الشيطان القبيح، حين وقف تميم بين أهله وعشيرته، وبدأ في سرد الحقيقة التي طالما أخفاها عن العرب في حوارته العلنية معهم.

ولم يشاء الله أن يترك للطاغية مساحة جديدة لبث ألسنة الفتنة بين الأشقاء العرب، وبخطأ غير متعمد، انكشف المستور وبدأت منابره الإعلامية في نقل كل ذلاته واحدة تلو الأخرى على شاشاتها

قطر تاريخ من المؤامرات

قطر تلك الدولة الصغيرة التي باتت تحتل موقعًا أكبر بكثير من حجمها، فعلى الرغم من كونها دولة عربية خليجية صغيرة إلا أنها تمكنت من إنشاء شبكة علاقات جيدة مع الجارة الفارسية إيران، في الوقت نفسه فهي تحافظ على مستوى عال من العلاقات مع إسرائيل أيضًا.

وإلى جانب علاقاتها مع الولايات المتحدة تفتح قطر مكاتب لحركة «حماس» التي تُصّنف أمريكياً على أنها منظمة إرهابية.

المؤامرة القطرية على السعودية

هذا الجمع بين المتناقضات دفع مركزIMS للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، لفتح تحقيق لمعرفة جزء من الحقيقة، وبدأ التحقيق من تسجيل صوتي مسرَّب نشر على الانترنت لوزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ، متحدثًا إلى الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

التسجيل هو أحد التسجيلات التي قيل أن القذافي قام شخصياً بتسجيلها لكل وافد وضيف ودون علمه طبعًا.

اكتسبت هذه التسجيلات درجة من الصحة في اعتقاد المراقبين نظرًا لوجود صوت طيور وجِمال واحيانًا صوت الأذان بالإضافة الى صوت الهواء طبعاً وهو ما يعطي مصداقية للتسجيل، إذ أن المعروف ان القذافي كان يعقد اجتماعاته في خيمة في البادية وفي أحضان الطبيعة.

يظهر في التسجيل الأول صوت حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وزير خارجية قطر، ورئيس الوزراء ملخِصًا ما دار بينه وبين عملاء المخابرات البريطانية والأمريكية للقذافي.

فيقول: “إن المخابرات البريطانية أخبرته أنها ستقف مع آل سعود حتى آخر لحظة لأن البديل خطر، فالبديل هو الإسلاميين وهم لا يريدون إسلاميين؛ فقد ملوا السعودية لكنهم( البريطانيين) يريدون ضمان البديل أولاً”.

وأضاف ” نجحنا(قطر) في سحب القواعد الأمريكية من السعودية إلى قطر وعملنا خللاً، والسعوديون قد منحوا الأمريكان قواعد مدفوعة الثمن، هذا يعني أننا كسرنا احتكار السعودية للخليج”.

ويخاطب حمد في جزء آخر من الحوار القذافي قائلًا:”لقد شاهدتَ عدد الرؤساء الذين حضروا دمشق وهو الأمر الذي لم يكن يحصل سابقًا وأن حضور قطر والكويت والإمارات (على مستويات عالية من التمثيل) يعتبر ضربة كبرى للسعودية، الجامعة غير مسيطرة على هذا الموضوع، نحن نتعامل مع الأمريكان فيما يخص هذا الموضوع”.

و في مقطع آخر يقول:” لدينا خلاف مع السعوديين بخصوص موضوع الجزيرة(القناة) ، والأمريكان زعلانين على موضوع الجزيرة، في المقابل لدينا اتصالات كثيرة، فالأمريكان يسألوننا و يستشيروننا في الكثير من الأمور، مشكلتنا إننا لا يوجد الكثير من العرب حولنا لكي يقال أن هذه المجموعة قوية”.

استنادًا إلى هذا التسجيل يبدو أن وزير الخارجية القطري الذي يعتبر أغنى رجل في قطر حسب ويكيبيديا، يبدو أنه يحاول تأسيس تحالف جديد برئاسة قطر طبعاً ليضعف الدور والنفوذ السعوديين في الغرب و المنطقة.

وكذلك يمكن الاشارة إلى دعم قطر لمشروع قاعدة العديد العسكرية الأمريكية التي ساهمت قطر بشكل فعال في تطويرها بذريعة تزويد القوات الأمريكية بالنفط و المواد الغذائية والمواد الطبية أثناء حرب افغانستان، بعد أن رفضت الحكومة السعودية في حينها استخدام الأمريكان لقاعدة الأمير سلطان الجوية.

ولم تكن هذه هي المؤامرة الأولى على السعودية، ففي عام 1996 شنت قطر هجومًا لاذعًا على السعودية مستخدمة ذراعها الإعلامي القوي، قناة «الجزيرة القطرية» مطالبة بإخراج القوات الأمريكية من الجزيرة العربية و هو الأمر الذي لم يحدث عند انتقال تلك القوات الى قطر.

في التسجيل المسرّب يتحدث وزير الخارجية القطري عن نية الأمريكان لتهدئة الأوضاع في العراق خلال العامين القادمين، والمفاجأة تكمن في العبارة التالية:” لدى الأمريكان نية لتقسيم المملكة العربية السعودية، سيكون الوهابيون والمتشددين في الوسط وهي منطقة ليس فيها سوى 400 ألف برميل من النفط، والمنطقة الثانية هي منطقة الحجاز والتي ستضم مكة و المدينة دون بترول والثالثة هي المنطقة الشرقية التي تتمركز فيها كل الثروات النفطية.وهناك صحيفتين معارضتين تصدران أحداهما باسم الحجاز و الآخرى باسم الشرقية، وهما بداية الانفصال.

قطر والإنقلابات الداخلية والكيد بصدام حسين

ثم يسرد الوزير القطري معالم التغيير فيما يشبه التخطيط لانقلاب عسكري فيقول:” إن الأمل في الصف الأول من الجيش مفقود و الأمل يعقد على الصف الثاني وهو يمثل الطبقة الواعية التي تزور أوروبا وبالإمكان تكوين علاقات شخصية تدريجية مع هؤلاء الذين يحتلون نقاط هامة في مفاصل الدولة، وبما أن أماكن تواجدهم في لندن و باريس و روما و سويسرا معروفة، بالإمكان التعامل معهم عبر سفاراتنا بهدوء عند وقوع أحدهم في مشكلة ما أو عندما يكون أحدهم مريضاً و بحاجة إلى علاج، و هي عمليات غير مكلفة”.

ويبدو أنه لازال هناك تخوفاً عاماً في المنطقة الخليج العربي من توجهات قطر في الفترة الأخيرة و لاننسى تصريحات النائب الكويتي نبيل الفضل عبر اثير قناة الوطن الكويتية حول محاولة حمد بن جاسم لتدمير الكويت بالتعاون مع بعض «الإخوان».

ولا يكاد يمر عام أو عامين و يُعلن عن افشال محاولة انقلاب قام بها ابن عم او ضابط او قريب في قطر و دوماً يكون افشال المحاولة حسب الاخبار المسربة بدعم و مشاركة من القوات الامريكية بملابس مدنية.

الإعلان عن محاولات الانقلاب و المداهمات لاحقاً والاعتقالات و التصفيات أسلوب اتبعته المخابرات الأمريكة طيلة ثلاث عقود لإبقاء نظام صدام حسين، إذ كانت المخابرات الأمريكية تقوم بإرسال نسخة تحتوي على أسماء كامل أعضاء أي تنظيم يقوم بالتنسيق للقيام بعمل جاد ضد صدام حسين، حتى قررت الولايات الأمريكية التخلص من صدام بنفسها مباشرة و دون تدخل من احد.

ولابد من الإشارة إلى أن دولة قطر تعتبر من أكثر البلدان في الشرق الأوسط التي شهدت انقلابات أو محاولات انقلابية فاشلة لعل أبرزها ما نشر في موقع الجمل للدراسات و الترجمة حسب التالي:

• في عام 1972 نظم أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عملية انقلاب لجهة الإطاحة بنظام ابن عمه أحمد بن علي آل ثاني.

• في عام 1995 نظم الأمير الحالي الشيخ حمد بن خليفة انقلاباً استطاع من خلاله الإطاحة بوالده الذي كان في تلك اللحظة يتلقى العلاج في أحد المشافي السويسرية.

وسرت العديد من الشائعات التي سعت في أكتوبر 2002 للتأكيد على وقوع محاولة انقلابية قطرية أخرى هدفت للإطاحة بالأمير الحالي حمد بن خليفة بسبب أزمة ملف حرب العراق.

و بعد كل محاولة تتهم قطر احدى الجيران كالسعودية أو البحرين بالتآمر كما أن هناك ردود افعال بدوية و جاهلية وغير انسانية وقاسية تقوم بها السلطات القطرية للرد على تلك المؤامرات المزعومة.

و قبل أعوام قليلة ورد في تقرير بثته قناة العربية، تسفير اكثر من 6000 مواطن قطري من قبيلة آل مرة،بعد محاولة الانقلاب عام 1996، تسفيرهم إلى المملكة العربية السعودية استنادا الى جذور اجدادهم.

لم يكتف حمد بن خليفة الذي يقول عنه وزير خارجيته انه مهتم بشعبه و يريد كل الخير له، لم يكتف بالتسفير بل ان حكومته صادرت كافة الاموال المنقولة و غير المنقولة لهم و منعت المرضى منهم من البقاء في المستشفيات الحكومية.

القرار لم يستثنِ العجزة الذين ولدوا و عاشوا اكثر من تسعين سنة على ارض قطر لا بل تعداه وشمل اسقاط جنسية العديد من الموتى بأثر رجعي ليطال العقاب الجماعي هذا فيما بعد أُسرهم و ذويهم. السخط القطري على ارض الجزيرة انسحب ليصدر قرار بإيقاف صرف رواتب المشمولين بهذا القرار. الى جانب ذلك مُنع المرضى من البقاء في المستشفيات الحكومية، كما قطعت الكهرباء عن منازلهم، ثم بادرت جمعية حقوق الانسان القطرية إلى رفض قبول أي تظلم من المبعدين .

الدولة الصغيرة والمكيدة بليبيا

تجسيدًا للخطة القطرية لإسقاط النظام السعودية يلاحظ المراقبون ان انتفاضة البحرين صارت تأخذ حيزاً أكبر في التغطية الإخبارية في قناة الجزيرة خاصة بعد مسابقات الفورمولا ون، وهو ما يفسره المحللون على انه محاولة قطرية لتقليص دور السعودية في البحرين و توجيه ضربة اعلامية اولية لها.

وتحاول قطر لعب دور اكبر من حجمها بكثير إذ يتحدث عبد الرحمن شلقم السفير الليبي السابق لدى الأمم المتحدة في مقابلة مع التلفزيون الألمانيDW عن الدور القطري قائلا:” من هي قطر؟ هل لديها جيش؟جيشها يتكون من المرتزقة من النيبال ومن بنغلادش و الباكستان؟ ثم ما هي قدرة قطر؟ أخاف أن تصاب قطر بجنون العظمة مثل معمر القذافي فتتوهم أنها قد تقود المنطقة، أنا لا أقبل الوجود القطري إطلاقًا؛ فمجموع عدد الشهداء الليبين و المفقودين و الجرحى اكثر من سكّان قطر.

فماذا تفعل قطر في ليبيا؟ قطرًا لاتقف على نفس المسافة من جميع الأطراف الليبين، قطر مكلفة بجمع الأسلحة وهي الآن تجمعها من جماعة وتعطيها لجماعة أخرى، ثم إن ليبيا ليست بحاجة إلى أموال قطر.

الليبيون هم من يديرون مشاريع النفط والبنوك في قطر، فلا أعلم ما الذي يميز قطر لتعمل غرفة عمليات و تتحدث عن بريطانيا وفرنسا وأمريكا…هذا مرفوض تماماً، قطر كلها لا تساوي حارة في ليبيا ولسنا بحاجة إلى قطر في أي شيء فشكرًا لهم فليتركوننا نقرر مصيرنا لوحدنا ولا نريد تدخل قطر إطلاقاً فنحن لا نعتبرهم محايدين في ليبيا فهم يدعمون اطراف نعرفهم بالاسماء.

ذهب مصطفى عبد الجليل هو ورجال غير مسّيسين ولا يعرفون خلفيات الأمور واتفقوا مع قطر، إذا أرادوا السيطرة على ليبيا فلن نقبل وسنقاومهم بكل الطرق ولا نقبل أن تستعمرنا قطر وأن نكون تابعين لأمير المؤمنين الجديد في قطر.

هذا الرأي يثبت بالدليل القاطع أن قطر تسعى للسيطرة على شمال إفريقيا أيضاً وهو ما تقوم به السياسة القطرية عبر خطف الثورات و نسب الدور البارز في نجاحها لنفسها كما حصل مع تونس.

وبذلك أصبحت العائلة الحاكمة في قطر تنفذ الأجندة الأمريكية والإسرائيلية على حد سواء خاصة عبر ذراعها الإعلامية الجبارة، «الجزيرة»، في الحلقة القادمة نستعرض لعبة الجزيرة القطرية في إشعال أزمة الربيع العربي، في مصر وتونس وغيرها، ومساندة الجزيرة القطرية لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر، والوعود القطرية التي نالها الإخوان المسلمين وكذلك محاولة قلب نظام الحكم المصري إبان خلع رئيسهم محمد مرسي.